Uncategorized

وحدة الوجود وابن عربي والدين العالمي الجديد

Written by admin

#ابن_عربي و #وحدة_الوجود و #الدين_العالمي_الجديد ::بقلم فضيلة الشيخ عبد الله الخليل التميمي

أنا لا أتحدث هنا عن ابن عربي الإنسان ، فلقد مات منذ قرون ، لكن نسجت حوله الكثير من القصص و حتى الأساطير و راح البعض يغلو به حتى جعله في مراتب أعلى من مراتب الرسل و جعله قسيم الهداية و الضلال ، و الواقع أن ابن عربي الإنسان شخص تضاربت الأقوال في سيرته و مكان ولادته و سيرة حياته ، و أمره إلى الله الرحيم الذي يعرفه و يعرف عنه كل شيء و لا يظلم أحدا ، لقد أفضى إلى الله تعالى ، و لكنني أتحدث عن التراث الضخم المنسوب إلى ابن عربي ، و هو مجموعة ضخمة من المؤلفات لا يمكن لشخص واحد أن يؤلفها في حياته و لو امتدت لمائة عام من اليقظة التامة ، و الأغرب أن هذه المؤلفات لا يرويها أحد عن الرجل بسند متصل إليه ، و أصلها مخطوطات كانت في مكتبات خاصة و نبشت و تمت طباعتها مع بداية الغزو الأوربي لبلاد مصر ، و لعل القارئ لهذه المؤلفات ـ إن اتسع لأحد الوقت لقراءتها ـ يجد قواسم مشتركة تجمعها و لعل أكثرها ترددا و وضوحا هو فكرة وحدة الوجود ، فما هي وحدة الوجود ؟.

وحدة الوجود ببساطة لها معنى واحد هو : إن المخلوقات جميعا كائن متصل واحد ، و هذا الكائن هو الخالق ، فالمخلوقات هي تشكيل الخالق لذاته بتشكيلات متعددة بعدد المخلوقات ، و بصور متعدد عدد صور المخلوقات و عدد أفراد أجزائها ، فيظهر جزء من الخالق بصورة جزئية من صورته الكلية على هيئة كائن ، شخص أو كوكب أو مجرة أو شجرة ، ثم يختفي هذا الكائن و تعود أجزاؤه للتشكل و يعود للظهور بصورة أخرى لكائن آخر في زمن لاحق ، و لا نهاية لهذه الصور الجزئية التي نسمي كلا منها “مخلوق” أو “كائن” .

هذه الأحداث تقع على مدار الوقت و لكن ببطء شديد بالنسبة لهذه الكائنات فلا تلاحظ هذا الترابط و تظن كل منها أنها كائن مستقل بذاته ، و لو استطعنا أن نأخذ صورة شاملة لكل الكائنات بعدسة تكور الصورة و نسرع الأحداث لرأينا وجودا ضخما كالكرة تتلون كل نقطة من سطحها و داخلها كل لحظة بلون و تتخذ كل لحظة شكلا ، و هذا التصور أشارت إليه عدة مصنفات منسوبة لابن عربي تؤكد أن الكرة هي الشكل العام للوجود ، و لو أخذنا كل نقطة من هذه الكرة على حدة ؛ لرأينا كائنا مستقلا ضمن مجموعة من كائنات أخرى تجاوره من جميع الجهات بعضها يلاصق بعضا و يخالطه مخالطة الهواء لصدور البشر .

هذه الفكرة فكرة مقتبسة من ديانتين ، الأولى هي الغنوصية ، و هي ديانة تزعم أن بواطن الأحداث و المخلوقات أمور في مجموعها تخالف تماما ما يفهم من الظواهر ، فمثلا يزعم هؤلاء أن الصلب المزعوم للمسيح إنما كان خدمة له و حكمة عظيمة للكائنات ، فلقد خلصت المسيح من طبيعته البشرية و معاناته الإنسانية و أطلقت سراح ليعود إلها كما كان قبل أن يتشكل بهيئة إنسان كما يؤمن النصارى ، و مثل ذلك يرى بعض النصيرية تقديس ابن ملجم قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، و يشكرون هذا القاتل لأنه أنقذ الجزء الإلهي من علي من جزئه الإنساني و حرره من الأرض فصعد هذا الجزء الإلهي إلى القمر !.

و لقد وردت الغنوصية صراحة في أكثر الكتب المنسوبة لابن عربي ، و وردت بفجاجة في الكتاب المسمى “فصوص الحكم” ، هذا الكتاب كان كله يدور حول فكرة واحدة هي : إن معنى قوله تعالى : ليس كمثله شيء و هو السميع البصير . هو أن الخالق لا يشبهه شيء واحد بعينه و إنما تشبهه كل الأشياء مجتمعة بل هي كلها ذاته و عين ذاته مطلقا ، و اعتبر المؤلف أن هذا هو الوصف الحق للخالق سبحانه ، و أنه يجمع كل التشبيهات التي زعمها البشر بين الخالق و المخلوقات ، بين التنزيه المطلق للخالق عن مشابهة المخلوقات.

و لا يتأخر مؤلف هذا الكتاب في تطبيق هذا المعنى فورا على آيات القرآن الكريم و تفاسيرها ، فقوم نوح إنما أرادوا من نوح عليه السلام أن يتبع هذا المعنى ، و لذلك تمسكوا بعبادة أصنامهم لأنهم عبدوها على أنها إحدى صور الخالق التي ظهر بها جزئيا في قريتهم ، و بناء عليه كان نوح هو المعاند للحق و هم المتمسكون به ، و حينما جاء إلى آيات الغرق جعلها غرقا من الجزئيات المخلوقة في الكلي الخالق ! .

أما النار التي أدخلوها بنص الآية فهي مجرد صورة نار ، و حقيقتها نعيم كنعيم الجنة ، و عذابه سمي عذابا من عذوبة وقعه على نفوس الذين يتعرضون له ، و بهذا خرج من إشكالية أن يكون الخالق يعذب نفسه بنفسه في جهنم التي هي ذاته أيضا !!.

إنها ذات العقيدة الهندوسية في “موكشا” الإله الأكبر الأعظم الذي صدرت عن ذاته إنفصاما حقيقا سلسلة لا متناهية من الكائنات ذات القدرات الخارقة و ذات الطبيعة الدونية ، فالخارقات آلهة و الدونيات عبيد ، ثم يمضي الجميع في رحلة العودة إلى ذات موكشا كل يبدؤها من لحظة انفصاله في ظهور و تحلل ثم ظهور جديد إلى حين العودة للذات الأصلية الكبرى “موكشا” ! و هذا فموكشا يقتطع من ذاته في كل لحظة كائنات و تعود إلى ذاته كائنات ، و موكشا لا أحد يعرف له صورة بعينها ، لأن صورته هي كل الصور بأفرادها مجتمعة في ظهورها و تبدلاتها !.

و حين جاء إلى المعبودات التي ذكر الله تعالى أنها أصنام و باطل طبق فكرته عليها ، فزعم أنها باطل من حيث إفراد كل منها و تخصيصه بنوع من التقديس ، و إنما هي حق من الوجه الآخر و هو أنها صور ظهر الخالق بها جزئيا ، و انتهى إلى قول عظيم هو : ما عُبِد في الحقيقة إلا الخالق الواحد ، فجميع المعبودات صوره و كل من يتعبد شيئا منها إنما يتعبده ! و انتهى إلا أن العابدين أنفسهم هم المعبود بذاته و أنهم يعبدون أنفسهم و أن الخالق يعبد ذاته بذاته !!.

هذا الإعتقاد سيسقط كل الفروق بين الديانات ، و به سيفهم الجميع أنه لا فرق بين المعصية و الطاعة و لا فرق بين الزنا و الزواج و بين الخمر و الماء ، و أن الجنة التي ينتظرون دخولها هي نفس جهنم التي يفرون منها ، و كلاهما نعيم و لذة ، لأن الإله الواحد لن يعذب نفسه ، فالمخلوقات العاصية هي ذات الإله نفسه ، و لن يشقيها و يؤلمها حتى لا يؤلم نفسه و يعاقب نفسه ، و سيحكم العالم دين واحد بألوان عدة ، دين مطلق التسامح مع جميع العقائد طالما أنها كلها ستؤدي في النهاية إلى نفس الحقيقة التي تزعمها الكتب المنسوبة لابن عربي ، و حتى الإلحاد نفسه سيكون مقبولا بل هو المقبول في الواقع حاكما لكل شيء لأن الإلحاد و وحدة الوجود يوصلان في النهاية إلى عبثية التدين و و عبثية الإيمان بالثواب و العقاب .

اعتمدت محالف التنويرين و عباد الشيطان اليوم عقيدة وحدة الوجود لنشرها و اعتمادها ديانة موحدة للعامة من البشر – دون الخاصة الذين هم قادة المحافل و المجتمعات السرية التي تحكم عالم اليوم – لقد اعتمدوها لأنها الديانة الوحيدة التي يسهل إقناع العامة بها ، و لأنها ديانة عابرة للديانات ، فلقد اجتهد أسلاف التنويرين و نجحوا في وضع رؤوس جسور لإمتداد هذه العقيدة ضمن سائر الديانات على شكل جيوب كامنة في تراث هذه الديانات ، و سيكون سهلا جدا تضخيم تلك الجيوب ، حتى تزيح ما بقي من مقدسات الديانات التي أنهكتها أساسا هجمات الكتاب و الإعلاميين التنويرين الضخمة المتلاحقة ، التي لا تهدأ أبدا.

اعتمد التنويريون لعقيدة وحدة الوجود لأنها تملك أيضا في ذاتها عاملا كاسحا يجعلها تمتد بسهولة ، فهي لن تلغي الهوية الدينية لأي دين ، المسلم سيبقى يصف نفسه بالمسلم لفترة طويلة في ظلها ، و المسيحي كذلك و سائر أتباع الديانات ، إلا أنهم سيرتاحون من تأنيب الضمير الديني لهم إن امتزجوا مع أتباع الديانات الأخرى ، فالمسلم المؤمن بوحدة الوجود سيقلع عن احتقار الشخص الذي يعبد القديسين أو الأبقار ، و لن يترفع عن إقامة علاقة طيبة مع شخص تسمح ديانته بشرب الكحول أو تعاطي الجنس الجماعي ، فكلهم في النتيجة يعبدون نفس الإله لكن بصور متباينة ، تباينت بسببها أشكال العبادة و قوانين الدين ، لأن هذا الإله يظهر دوما بصور لا نهاية لها ، و طالما أن الجحيم نفسها ليست عذابا ، و أن ادعاء الألوهية كما فعل فرعون يعتبر نوعا من التذوق الروحاني لحقيقة الوجود الواحدة ، و هي الذات الواحدة للإله الواحد التي تظهر بصور أجزاء الكون من كائنات متنوعة بلا نهاية.

بالتالي فإن المسلم بعد فترة من اعتناقه لفكرة “وحدة الوجود” لن يستنكر تخلي ابنه أو ابنته أو زوجته عن دين الإسلام و اتباع دين آخر ، أو حتى عدم اتباع أي دين طالما أن كل الطرق تؤدي إلى نفس الإله ، و هو موجود سواء آمن به الناس أو لم يفعلوا ، و هو لن يعاقب أحدا على أي حال أيضا ، إذاً لا مشكلة أصلا في ترك الإنتماء الديني ، فوحدة الوجود تسوي بين العاصي و المطيع لأمر الأنبياء ، و تبشر بجهنم لطيفة ممتعة لذيذة عذبة ، ستنطفئ بعد فترة وجيزة و سينتقل جميع سكانها إلى الفردوس.

و هذا قريب لمنطق العامة و معظمهم أجهل من الجهل ذاته و لو كان يحمل أعلى الشهادات العلمية ، ببساطة فلو جئت بأي شخص و خيرته بين دينين : الأول يأمره بأن يعيش حياته في مكابدة و حرمان من الملذات و خوف دائم من عقاب إلهي لا يمكن توقع توقيته و فظاعته من أجل أي جرم ، ثم قد يدخل إلى الفردوس و قد لا يدخله . و الثاني : يأمره بأن يحيا حياته يتمرغ في الملذات كما يشاء دون حد و لا حرمان و لا خوف من عقاب على إفراط أو تفريط ، ثم يدخل إلى الفردوس بكل تأكيد ، فأيهما يختار ؟ .

الجواب هو : أن أي أحد سيختار الثاني دون تردد ، لكن بشرط أن نقنعه أن هذا الخيار هو الذي جاءت به ديانته التي ينتسب إليها.

لتحقيق هذا الشرط صدّر التنويرون للإعلام مشايخ ذات شخصيات وقورة لها سن و هيبة و تاريخ في العمل الديني ، لا مدار لكلامهم إلا حول التسامح المطلق و وحدة الوجود ، و هم سيغزون العقول بل سيكتسحونها بعد أن أنهكت الجماعات الإسلامية عقول و قلوب العامة بخيبات الأمل المتلاحقة من الإسلام القائم على الثواب و العقاب ، في البداية سيتمحلون لعبارات الكتب المنسوبة لابن عربي معان مصطنعة قريبة من عقائد الإسلام ، ثم يلقون أقنعتهم عندما يأمنون المخاصمة .

أما عن برنامج عمل هؤلاء الدعاة لوحدة الوجود فسيبدأ بتمجيد أولئك الفلاسفة الذين أشاروا إلى هذه الفكرة في مؤلفاتهم ، ثم سيبدؤون في شرح هذه الفكرة على أنها التفسير الصحيح للقرآن ، و على أنها هي السر الذي يتقدس في نفوس الأولياء العارفين بالله ، و لا ننسى أن الجماعات الإسلامية قد فتحت جدلا مدة قرن كامل حول معاني نصوص القرآن تحت عنوان “العصمة للنصوص المقدسة و لا عصمة لتفسيرات الرعيل الأول لها” ، و هذا الجدل أبعد “السنة المفهومة” أو “الفقه” و كل الأصول الداخلة تحت الإجماع المتواتر ، و الهدف هو إضاعة المعاني الموروثة عن النبي صلى الله عليه و سلم لنصوص القرآن الحكيم ، ثم إطلاق صبيان المتنورين من ذوي العمائم و اللحى ليسرحوا و يمرحوا و يفسروا القرآن و حديث النبي كما يحلوا لهم ، و ليحولوا عبارات الآيات القرآنية إلى مزالق زئبقية للعقل لا يكاد أحد يحدد أبعادها حتى تتشكل لراءٍ آخر بصورة مغايرة ، و لقد فعلوا هذا على مدار قرن فصار الذي يقترب من الإسلام يختنق و يصاب بالهذيان من كثرة ما يسمع من الفتاوى و الفتاوى المعاكسة لنفس المسألة ، ثم سينتهي هذا الجدل بانسحاب الجماعات الإسلامية كلها من الساحة و تركها لمشايخ وحدة الوجود .

على الجانب الآخر فلقد أقدم قادة المسيحية على خطوات مشابهة و أكثر جرأة ؛ المسلم الذي يرفض وحدة الوجود و يرفض ما يلزم منها من سلوك و قوانين دينية سيبدو بسبب هذه الخطوات عدوا للأساس الأول للإسلام و هو السماحة الدينية ، و سينظر إليه على أنه متشدد متوتر متطرف متصلب متعنت عدو للسلام و لسعادة البشر ، و سيبدو كأنه يحارب العقيدة المشتركة بين المسيحية و الإسلام و هي وحدة الوجود ! و سيكون جاحدا يرفض الأيدي الممدودة له للوحدة التي دعا إليها القرآن : “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون” ، فالمسيحيون يعبدون إله المسلمين نفسه ، و ستتعالى الأصوات في وجهه من أبناء ديانته قائلة : و ما يفيدك أيها الحقود أن يعذب الإله الناس.

المسلمون يؤمنون بأن التوحيد شرط التدين و الإيمان ، و وحدة الوجود تسير في نفس اتجاه التوحيد الإسلامي ، إلا أنها تجاوز حده بخطوة إلى الأمام ، فالمسلمون يقولون : لا خالق و لا معبود و لا متصرف في الوجود إلا إله واحد أزلي أبدي ، بينما الموجودات مبتدأة من نقطة ما ، و وحدة الوجود تقول هذا و تزيد عليه هذه العبارات الهامة : “لا موجود في الحقيقة إلا هذا الإله الواحد الخالق ، و لم يُعبد شيء إلا هو” و هذا مقنع تماما للعامة و لأنصاف المتعلمين من المسلمين و لأولئك المشايخ الذين لا يعرفون شيئا عن “الفقه” بأنواعه ، فلا يوجد في أذهانهم ما يمنع من هذه الخطوة البسيطة إلى الأمام نحو التوحيد “المطلق” أو “الكامل”.

ستؤمن وحدة الوجود توحيد العقائد الأساسية للبشر جميعا حول الحياة بعد الموت بشكل عام ، و بهذه العقيدة ستتقدم الرياضات الروحية التي تستهدف الإتصال بالإله مباشرة إلى طليعة النشاطات الدينية و مواضيع الوعظ ، و بالتالي ستتأخر كثيرا أحكام القوانين الدينية لتصبح مجرد هوامش ألغيت بسقوط حقيقة الثواب و العقاب الأخروي.

وحدة الوجود ستنتهي أيضا و إلى الأبد فكرة تحدي السلطة و الثورة عليها ، فوحدة الوجود تقدم للمؤمنين بها حلا سحريا لمسألة الشعور بإضطهاد السلطات لهم ، فمثلا هذا النص القرآني يبرر به الثائرون على السلطات الحالية ثورتهم و هو : “و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم” . فالثائرون ينفون عن خدمنا الذين يحكمونهم صفة الإسلام ، و يقولون للمسلمين هؤلاء ليسوامنكم ، فيجب أن تبدلوهم بحكام منكم !.

وحدة الوجود ستفسر هذا النص بأن هؤلاء الحكام يدخلون تحت لفظ “منكم” ، أليسوا تجليا و ظهوراً آخر للإله كما أن كل واحد من الموجودات ظهور و تجلٍّ للإله الواحد ؟ و سيتأيد هذا التفسير بنص آخر و هو : “قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء” ، فالحاكم هو قدر محض كالموت و كشكل الإنسان و كالزلازل و الشمس و حركة النجوم ، و سلطته كلها من الإله الواحد و الثورة عليه ثورة على إرادة الإله !.

عندما تستولي وحدة الوجود على منابر الوعظ ستكون الشعوب قد سئمت فكرة الثورة ، و قد اكتوت عظام أبنائها بنيران الفوضى و رعب غيبة النظام العام ، عندها سيكون تقبل هذه الفكرة أمرا سهلا جدا ، و ستصبح الوسيلة الوحيدة للفرار من ويلات الإضطهاد و عذابات العبودية القاسية للسلطة هي : الرياضات الروحية و التمتات بالأوراد و الصلوات بالنذور و زيارة الأضرحة المقدسة و الإستعانة بأرواح الأولياء و الصالحين ، لأن الأولياء الأحياء المزيفين – الذين يعملون لدى التنويريين – ستكون مهمتم إرشاد العامة إلى مزيد من الرياضات الروحية و إلى التفاني في طاعة القوانين و الأنظمة التي تصدرها الحكومات ، و و سيرشدون العامة إلى مزيد من الذوبان في بقية الديانات و التخلي عن المميزات التي تميز كل ديانة عن غيرها.

هذا ببساطة يفسر هذه الحمى التي تفر على أجهزة الإعلام لظهر نصرانيا يقبل المصحف ، و مسلما يرتدي صليبا و يضع مصحفا على رأسه و امرأة سافرة تؤم صلاة جمعة مزعومة يؤديها بعض الزنادقة ، و أئمة مساجد مزعومين يعقدون قرانا لرجلين على بعضهما و امرأتين على بعضهن و ربما لاحقا لرجل على كلبة أو أتان و لامرأة على كلب أو حمار .

لقد بدا الآن للعيان لماذا كان يحذر العلماء و المشايخ من الكتب المنسوبة لابن عربي و يمنعون نشرها و قراءتها ، و ما أوردته آنفا هو بعض من الشر الذي تضمه هذه الكتب و ما فيها أعظم بكثير و الله العاصم من الضلال.

الشيخ : عبدالله الخليل التميمي الحمصي

(ضمن سلسلة مقالات ستعتني بنشرها كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الدراسات الإسلامية )

UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY

جامعة أجيال وتكنولوجيا الأمريكية

G . T . U

About the author

admin

Leave a Comment