Uncategorized

الهجرة

دروس في الأخذ بالأسباب

بقلم الدكتور محمد سعيد أركي

الهجرة

دروس في الأخذ بالأسباب

بقلم الدكتور محمد سعيد أركي

مقدمة

الهجرة النبوية ليست مجرد حدث تاريخي أو انتقال مكاني، بل نموذج عملي للتخطيط والإعداد والعمل بالأسباب دون التفريط بالتوكل على الله. فقد جسّد النبي محمد ﷺ في الهجرة أعلى درجات الحكمة والإدارة، مقدمًا للأمة درسًا خالدًا في كيفية الجمع بين الإيمان والعمل، والاعتماد على الله دون تعطيل للسنن الكونية.

الهجرة لم تكن ارتجالًا

عند دراسة تفاصيل الهجرة، يتضح أنها لم تكن قرارًا عاطفيًا ولا فرارًا من واقع صعب، بل عملية مدروسة بعناية. فقد اختار النبي ﷺ التوقيت المناسب، واختار الرفيق (أبا بكر)، وحدد المسار غير المعتاد، واستعان بخبرات عبد الله بن أريقط كدليل طريق، واستأمن أسماء بنت أبي بكر على إيصال الطعام. كل هذه التفاصيل تشير إلى أن الأخذ بالأسباب جزء من العقيدة، لا عيب فيه ولا تعارض مع التوكل.

التوكل لا يعني التواكل

كان النبي ﷺ في قمة التوكل على الله، لكنه في الوقت نفسه خطط بدقة، واستخدم وسائل التمويه، وأخفى وجهته حتى عن أقرب الناس. هذا التوازن بين الإيمان القوي والإعداد الواقعي يجب أن يكون قاعدة في حياة المسلمين، أفرادًا وجماعات، خاصة في الأوقات الصعبة.

دروس معاصرة

الهجرة تعلمنا أن النصر لا يأتي بالعشوائية، بل بالاستعداد، وبذل الوسع، والاعتماد على ذوي الكفاءة. كما تؤكد أن الإسلام دين منهج، لا يعتمد على المعجزات وحدها، بل على العمل الجاد ضمن السنن الربانية.

خاتمة

إن أعظم ما تقدمه الهجرة النبوية للأمة اليوم هو تأكيدها أن النجاح والفلاح لا يُنالان بالأماني، بل بالنية الصادقة، والتخطيط المحكم، والعمل الجاد. فالهجرة درس خالد في أن الأخذ بالأسباب فريضة لا تقل شأنًا عن التوكل على الله.

د.محمد سعيد أركي

مع تحيات كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الدراسات الإسلامية

Generations and Technology University

جامعة أجيال وتكنولوجيا الأمريكية

1447

About the author

admin

Leave a Comment