بقلم فضيلة الأستاذ الشيخ عبد الله خليل التميمي
#قانون_القوانين كلها :: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على محمد رسول الله و على آله و صحابته و من والاه.لم تجر عادة السادة العلماء رحمهم الله تعالى أن ينشروا المواضيع الأصولية في خطب و نشرات توضع للعموم و لكننا نواجه اليوم فتنة سوداء هائلة تتجسد فيما تسمى بـ “الجماعات الإسلامية” و بشرّها على الإطلاق التي تسمى “السلفية” ، لهذا فإننا مضطرون لبسط هذه القاعدة الأصولية أمام الناس ليتيسر للعموم فهم ما ننشره من ردود على هذه الطوائف الضالة المضلة.اتفق العلماء على أن الدين كله عبارة عن قوانين كبرى تسمى “الكليات” تتفرع منها قوانين أصغر تسمى “الجزئيات” و هذه القوانين إما أنها مكتوبة صراحة في نصوص “القرآن الكريم” و “السنة الشريفة” أو أنها محفوظة ضمنيا في هذه النصوص حتى يقوم العلماء المؤهلون باستخراجها بإجازة و رخصة من النبي صلى الله عليه و سلم مباشرة كما فعل علماء الصحابة أو المؤهلون برخصة و إجازة عمن أجازهم النبي صلى الله عليه و سلم و هكذا طردا بسند متصل إلى الأئمة الأربعة رضي الله عنهم (مالك و الشافعي و أحمد و أبو حنيفة) و منهم إلى تلاميذهم المجازون منهم إلى يومنا هذا.و لقد اتفق العلماء على “مقياس” موحد تُعرض عليه كل القوانين التي تُستخرج من “النصوص” فما قبله قبلناه و ما رده رددناه و هذا المقياس هو : {القانون الصحيح المقبول هو ما تكون لوازمه كلها صحيحة و القانون الباطل المردود هو ما يكون أحد لوازمه باطلا}.و نشرح معنى كلمة “لوازم” في هذا المثال : لو أن حاكما يحب “العلم الشرعي” أصدر قانونا قال فيه : “يجب على جميع الناس أن يدرسوا “العلم الشرعي” حتى يبرعوا فيه” فإننا نجد أن هذا القانون “يـــــــلزم منه” أن تبطل جميع الحرف و الصنائع عدا “الإمامة و التدريس” و هذا بدوره “يلزم منه” وقوع المجاعات والفوضى و انعدام الأمن و دمار البلاد خلال أيام أو أسابيع على الأكثر.و نرى هنا أن ما هو لازم و نتيجة حتمية لهذا القانون يؤدي إلى عكس غاية الدين و “العلم الشرعي” و هي الحفاظ على الناس و الحرث و النسل و الأمن فهذه النتيجة “باطلة” بحسب “الشرع الإسلامي” و إذاً فالقانون الذي يوصل إليها قانون “باطل” حتما.{القانون الصحيح المقبول هو ما تكون لوازمه كلها صحيحة و القانون الباطل المردود هو ما يكون أحد لوازمه باطلا} على هذا “المقياس” جرت أكثر المناقشات القرآنية لأقوال المشركين و الملل الأخرى مثلا قال تعالى : (و قالت اليهود و النصارى نحن أبناء الله و أحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و لله ملك السماوات و الأرض و ما بينهما و إليه المصير) فلقد “لزم من قولهم (نحن أبناء الله و أحباؤه) أن الله تعالى لن يعذبهم بذنوبهم فالمحب لا يعذب محبوبه و هذا مناقض لكل دينهم و شرائعهم و يجعل التزامهم لشرائع دينهم من العبث و اللعب ! و الواقع أنهم يثبتون في شرعهم أن الله يعذب من يعصي أحكام دينهم و هذا يعني أن ما “يلزم من قولهم” يؤدي إلى نتيجة بـــاطلة في شرعهم نفسه فقولهم الذي أدى إلى هذه النتيجة بــاطل.و لقد اعتمد علماء السنة هذا المقياس في الرد على جميع الأباطيل و الادعاءات و الأقاويل التي ينسبها أصحابها إلى الحق و منها مزاعم “السلفيين” و افتراءاتهم على الله تعالى و على نصوص “القرآن” و “السنة” و من شر هذه الأكاذيب كذبة تقسيم التوحيد إلى “توحيد ألوهية” و “توحيد ربوبية” و فرية نسبة الحد و المكان و الجسم و الحواس و التنقل لذات الله تعالى سبحانه عما يصفون.و لقد اعتمدوا في هذه الإفتراءات على قوانين اخترعوها و زعموا نسبتها إلى “كتاب الله” و منها نفيهم للـ “مجاز” في “القرآن” و زعمهم أن الآيات التي يفهم من ظاهر لفظها نسبة أوصاف جسمية لله تعالى يجب أن تفسر بظاهر اللفظ حتى زعموا أن الله تعالى “جالس على العرش” و أن بينه و بين خلقه مسافة فاصلة و لقد رددنا على جميع هذه الأضاليل بنقض لوازمها و إبطالها و نذكر من بعض لوازم أقوالهم القول بأن الله تعالى “أجوف” و أن الكون في جوفه تعالى الله عن هذا مما يعني حتما بطلان هذه الأضاليل و ضلال من يتبعها و وقوعه في الوثنية و التجسيم فلتراجع تلك الأبحاث على صفحاتنا.و لله الحمد من قبل و من بعد ، و الصلاة على سيدنا محمد و آله و صحابته أجمعين .
عني بنشره قسم الدراسات الإسلامية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة اجيال وتكنولوجيا الامريكية
GTU – UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY