بقلم الأستاذ الشيخ عبد الله الخليل التميمي
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أوجب الله تعالى على عباده العلماء أن يبينوا الحق للناس في أوان بيانه و لا يكتمونه ، فمن حضر منهم إلى بلد و أهلها قد ظهر فيهم الربا حتى ربى دون سائر المعاصي فتحدث إليهم عن أحكام شرب الخمر فقد خان الله و رسوله .و إن أعظم البلاء في أيامنا هذه هو دعوة الفساد التي تؤدي إلى فناء نوع البشر في مؤداها و هي التي تسمى “النسوية” قاتل الله من أسسها و نشرها و ناصرها . لقد أنزل الله على نبينا محمد صلى الله عليه و سلم أكمل الشرائع و جعله خاتم النبيين ، فلا قانون تصلح به حياة العباد في دار الدنيا و دار الآخرة إلا قانون الله و لا حق إلا ما قضى به الله لرسوله صلى الله عليه و سلم و أمره سبحانه بأن يأمر به المؤمنين . يقوم شرعنا الحنيف على ميزان دقيق وضعه الله تعالى و هو أن الناس يتفاوتون في حقوقهم و واجباتهم فمن كثرت واجباته زادت حقوقه عند الله و عند الناس بما يوازن واجباته ، و من قلّت واجباته نقصت حقوقه عمن كانت واجباته أكثر ، فلا يتساوى اثنان في شرع الله بالحقوق و الواجبات في التفصيل ، و لا يتساوى الرجال و النساء في الحقوق و الواجبات أبدا في العموم ، فإن حقوق الرجال و واجباتهم تزيد أبدا على واجبات النساء و حقوقهن .و سأبين في هذه الرسالة القصيرة أسسا من شرع الله تعالى في النساء ، هذه الأمور أجمع أهل الإسلام عليها إجماعا متواترا و قطعيا و ثابتا لا يتغير بحال و لا بمقال و لو من أعلم العلماء ، و من حجد شيئا من هذه الأسس عمدا خرج من ملة محمد صلى الله عليه و سلم و لم يرجع للإسلام إلا أن يقر بهذه الأسس جميعا .أولا : الرجال قوامون على النساء في كتاب الله تعالى ، و قوامة الرجل على المرأة تعني بالإجماع أن الرجل ولي أمر المرأة ، فالأب ولي أمر البنت و الأخ ولي أمر الأخت ، و الفتى البالغ ولي أمر أمه إن كانت بغير ولي ، و الزوج ولي أمر زوجته ما دامت في عصمته .و لا تتولى المرأة أبدا أمور الرجال إلا أن يكون هؤلاء الرجال ناقصي الأهلية كالمجانين أو المعتوهين أو الأقنان الذين تملكهم امرأة أو يملكهم وليها في بعض الأحوال . ثانيا : المرأة لا تكون شاهدا على القضايا الجنائية و لا قاضيا و لا مفتيا و لا أميرا و لا قائدا لجند أو شرطة و لا تكون جنديا و لا شرطيا و لا حرسيّا و لا مستشارا ذا أهلية في اتخاذ القرارات ، و لا تحكم في منازعات من أي نوع لا بصفة قاض و لا مفتٍ و لا وزير و لا حتى قاضي رعاة غنم و لا تنوب عن هؤلاء أبدا .ثالثا : ولي المرأة العزباء أقرب الرجال إليها عصبة ، و إن كانت متزوجة فزوجها ولي أمرها ، و عليها طاعة ولي أمرها بالمعروف ، أي بما ليس محرما ، و لا يجوز لرجل أن يطيعها في شيء من التصرف بالعقود الهامة و إلا كان ناقص العدالة و يجوز الحجر عليه حجرا على السفيه ، و يستوي في هذا من يطيع أية امرأة في تصرفات الولاية المالية أو القانونية سواء أكانت أمه أو زوجته أو ابنته إلخ.رابعا : عصمة الزواج بيد الزوج أبدا و لا تنتقل للمرأة لا بشرط عقد و لا غيره ، فإن منح الزوج للمرأة حق تطليق نفسها فهو مجرد توكيل و ليس نقلا للعصمة أبدا ، فالمرأة لا تطلق الرجل أبدا و ليس لها أن تطلق نفسها أبدا إلا بإذنه ، و لا يجوز للمرأة أبدا طلب الطلاق إلا لأسباب حددها الشرع يجمعها العجز عن النفقة و الجماع ، ليس منها الضرب غير المبرح و لا الزواج بثانية و لا الغيرة على الرجل .خامسا : الخلع تفريق و لا يقع إلا برضا الزوج ، و لا يقع أبدا لا بقضاء قاض و لا مفتٍ و لا سلطان و لا مجلس نواب أو وزراء و لا حتى بقضاء أمير المؤمنين إن وجد ، و لا حتى باجتماع أهل الأرض جميعا ، و هذا محال ، ذلك أن التفريق و الطلاق و الخلع حق للزوج فقط ، و كل خلع أقره قاض أو حاكم أو مفتٍ بغير إقرار الزوج باطل و من أقره فهو عدو لله تعالى خارج من دينه سبحانه و تبقى المرأة تحت عصمة زوجها و إن عُقد عليها زواج مع رجل آخر عمدا بعد العلم بالبطلان فهي زانية تستحق عقاب زنا الإحصان و كذلك من عقد زواجا عليها فدخل بها يكون زانيا بحسب حاله ، و الأولاد الذين يخلقون من هذا الزواج الباطل أولاد زنا و لا يرثون أباهم و لا ينسبون له.لهذا و بسبب انتشار هذا الكفر و العياذ بالله يجب على كل رجل يريد الزواج ممن تدعي أنها مطلقة أن يتحرى كيف تم طلاقها و هل كان برضا زوجها الأسبق ، فإن كانت من اللواتي خرجن من دين الله بوثائق الخلع المزيفة التي تنتشر هذه الأيام فلا يجوز نكاحها أبدا لأنها على ذمة زوجها الأول ، و حتى لو تابت بعد ألف عام من جريمة الردة بهذا الخلع المزيف فإنها تعود أبدا إلى ذمة زوجها الذي ادعت أنها اختلعت منه ، و لا يحق لها الزواج من آخر إلا أن يموت أو يطلقها برضاه.سادسا : تعدد الزوجات حق ثابت للرجال لا يستطيع أحد إلغاءه لا بشرط و لا بفتوى و لا بقضاء و لا بقرار و لو كان هذا الذي يقرر هو إمبراطور العالم إن وجد ، و ليس لأحد الاعتراض على هذا الحق لأنه بذلك يعترض على القرآن الكريم و بهذا الاعتراض يخرج من الملة الإسلامية ، و يحرم على المرأة أن تعترض أو تطلب الطلاق أو حتى أن تعبس بوجه زوجها إن تزوج بثانية عليها أو ثالثة أو رابعة ، لأن هذا ليس من شأنها ، و التي تعترض على حق زوجها في الزواج من أخرى منكرة هذا الحق تخرج من دين الإسلام و لا يجوز أن يبقيها الزوج في عصمته لأن نكاح المرتدة باطل ، و بهذا يحبط عملها و تستحق وعيد النبي صلى الله عليه و سلم باللعنة لها .سابعا : الحجاب فرض في كتاب الله تعالى على كل أنثى تُشتهى و إن لم تبلغ ، و يشمل هذا بالإجماع تغطية شكل و لون سائر البدن تماما ، ما عدا الوجه و الكفين ، و منكر فرضية الحجاب ليس مسلما و إن صام و صلى و زعم أنه مسلم و لو كان خارجا من الحجرة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة و السلام ، و يحرم إقرار المرأة على كشف الحجاب و التي تخرج للأجانب سافرة لا يجوز للمؤمن أن يخطبها أو يتزوجها و لا كرامة ، لأنها مجاهرة بالدعوة للزنا ، ذلك أن التبرج و التزين بغير حجاب ساتر و السفور دعوة للزنا. ثامنا : حضانة الأطفال حين الطلاق لا تكون للمرأة بشكل مطلق و لا آلي و إنما بشروط كثيرة ، أهمها أن تكون قادرة على السكنى و ألا تتزوج بغير والد الطفل موضوع الحضانة ، و لا يمنع والده من رؤيته و زيارته و توجيهه و زجره و رعايته حتى لو كان في حضانة أمه ، و ترجع حضانته بالإجماع بعد بلوغه لأبيه ، و لا تكون المرأة ولي أمر الصغير بوجود الأب و العصبة مطلقا و ليس لها حق التصرفات المالية في ماله و تزويجه و ما إلى هنالك من مهمات الأمور. تاسعا : حين تتزوج المرأة لا تكون مطالبة بطاعة والديها ، و إنما هي مطالبة ببرهم و الإحسان إليهم على قدر استطاعتها بما لا يعارض مصالح زوجها ، و ليس لها بعد زواجها من ولي تطيعه إلا زوجها ، و لا يحق لأبويها بحال أن يخرجاها من بيت زوجها إلا بإذنه ، و لا تخرج هي إلا بإذنه و هذا أيضا بإجماع و مخالفته من الكبائر التي استوجبت لعنة الله على لسان النبي صلى الله عليه و سلم ، و عليها أن تطيع زوجها في كل أمرها و لاتقضي أمرا بدون إذنه مهما صغر ، و له أن يؤدبها بما ذكره الله تعالى من وعظ و هجر و ضرب غير مبرح ، و من استعانت على زوجها لتكسر سلطته و طاعته بسلطان ملحد أو فاسق أو كافر أصلي خرجت من دين الإسلام و تستحق وعيد الله تعالى لمن يرتدد عن دينه .عاشرا : لا يجب على المرأة التكسب لطلب الرزق ، ذلك أن نفقتها من أوسط الحال فرض على أوليائها من الرجال حتى يتوفاها الله تعالى ، فإن لم يكن لها من ينفق عليها فإن نفقتها تكون فرض كفاية على أهل المصر الذي تعيش فيه ، أو على المسلمين الذين يحيطون بها و لا تُـقَـرُّ أبدا على السعي للكسب إن وجد من يقوم بأمر نفقتها . هذه العشر الآنفة ثابتة في دين الله تعالى بالإجماع و ليس لأحد أن ينقض منها شيئا أو يجحد منها شيئا إن كان مسلما و من فعل خرج من ملة الموحدين و دخل في ملل الملاحدة المجرمين و العياذ بالله تعالى .هذا و أصلي و أسلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعينخادم العلم الشريف عبد الله الخليل التميمي الحمصي
قام بالعناية بنشره قسم الدراسات الإسلامية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة أجيال وتكنولوجيا الأمريكية
#جامعة_أجيال_وتكنولوجيا
UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY