بقلم الأستاذ الشيخ عبد الله الخليل التميمي
#المجاز في القرآن و الحديث النبوي ::
بسم الله الرحمن الرحيم “القرآن الكريم” هو المعجزة الكبرى الباقية أبدا لنبينا “محمد صلى الله عليه و سلم ، و معجزات هذا الكتاب الإلهي متنوعة و كثيرة و هي تتكشف مع مرور الزمن و كلما احتاج البشر إلى ما يثبت لهم نسبة هذا الدين إلى الله تعالى خالق السماوات و الأرض ، و إن أعظم و أول هذه “المعجزات القرآنية” هي “البلاغة اللغوية” و هي التي أفحمت “العرب” و أحرجت فصحاءهم و حملتهم على الإيمان و التصديق بنبوة “محمد صلى الله عليه و سلم” .و معنى “البلاغة” هو القدرة على جمع معان كثيرة في كلمات قليلة بقالب جميل ينشط المخيلة و ينعش العقل و النفس حتى يصل المعنى إلى السامع فيقتنع به و يسعد بسماعه ، و ببساطة أكثر “البلاغة” هي تبليغ الأفكار للآخرين بوعاء بديع من الكلمات و الجمل ، و لقد كان “العرب” يفاخرون بعضهم بـ “البلاغة” و يجهدون أنفسهم في إظهارها فهم أمة كانت تفتخر بلغتها البديعة ، و لقد كان “الشعر” هو قمة “البلاغة” عند “العرب” ذلك أنه كلام محسوب و منظم و مزين بصور خيالية و جمالية في اللفظ و المعنى و يتلوه “النثر” و هو كلام مختصر غير موزون و ليس فيه الكثير من الصور الجمالية ، و لقد جاء “القرآن الكريم” بـ “معجزة بلاغية” بديعة تفوقت على أبدع الأشعار بما يبهر العقول و القلوب و الأسماع مع أن “القرآن الكريم” ليس شعرا و ليس من جنس “النثر” و نستطيع أن نجمل “الإعجاز البلاغي” في “القرآن” الكريم بما يلي : تبليغ رسالة الله تعالى بأقل قدر ممكن من الكلمات مع الحفاظ على كل المعاني المطلوبة في قالب لغوي هو الأجمل و الأبدع على الإطلاق من حيث أنغام الكلمات و الصور الخيالية التي ترسم للمستمع ما تصفه و كأنه يراها رأي العين.و يعتبر “المجاز” العماد الأساسي لـ “البلاغة” و معناه : تأليف جمل باستعمال كلمات معناها الظاهر مختلف تماما عن المعنى المراد بهذه الجمل ، و سمي “المجاز” بهذا الاسم لأنه إجازة شائعة و معروفة و شائعة بين الناس لا يمكن إنكارها و لا استنكارها لاستعمال ألفاظ لدلالة على معان تختلف عن معناها الأصلي.و المراد من “المجاز” هو إضافة زيادة إلى معنى الكلمات الأصلية التي تستعمل عادة لتبليغ المعنى الأساسي للجملة ، هذه الزيادة يدركها المتلقي لدى سماعه اللفظ المستعار و نسوق لهذا مثلا من “القرآن الكريم” قال تعالى : {و كان الإنسان عجولا} و هذه العبارة واضحة بينة لا تحتاج إلى تساؤل و قال تعالى في موضع آخر يصف حب الاستعجال عند الإنسان : {خلق الإنسان من عجل} و هذا يعني أن الإنسان لا يحب شيئا كما يحب استعجال مراده و حتما ليس معنى الجملة ظاهرها فالله تعالى بين لنا في “القرآن الكريم” مرارا أن الإنسان مخلوق من “الطين” و هو عجين الماء و التراب . و بالتأكيد فإن من أراد أن يثبت ظاهر المعنى من الجملة السابقة جاهل أو به عُجمة و أن “نفي المعنى الظاهر للعبارة” هو السبيل الوحيد للفهم الصحيح لقوله تعالى : {خلق الإنسان من عجل}.و مثله قوله تعالى : {و لقد أتينا موسى و هارون الفرقان و ضياء و ذكرى للمتقين} و معناه أن الله تعالى آتى رسوله “موسى” كتاب “التوراة” ليكون حكما يفرق به المؤمنون بين الحق و الباطل و ليوضح و يبين لهم ما جهلوا من أمور حياتهم و معاشهم و آخرتهم فكان كـالــ “ضيــاء” التي أنارت لهم ما لم تدركه أبصارهم حتى إذا أدركته علمته عقولهم .حتما ليس من ضمن ما تعنيه الآية المعنى الظاهر لكلمة “ضياء” فالتوراة لا تضيء حقيقة و ليست مصباحا و لا يمكن أن تتلوها بدل أن تضيء شمعة لترى ما غطاه الظلام عن بصرك ، و لا بد من نفي المعنى “الظاهر” حتى تفهم الجملة على الوجه الصحيح الذي يفهمه كل عربي سليم اللسان و العقل.و مثل هذا يقال بداهة لفهم معنى جملة “كتاب منير” في قوله تعالى : {و من الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} .هذا واضح أيضا في قوله تعالى : {و من الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به و إن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين} فالصورة كلها التي تصفها الآية لا يمكن أبدا القبول بمجمل معناها الظاهر لفهم الآية و ليس فقط لا بد من نفي بعض ألفاظها ، إذ لا احد على وجه الأرض يُتصور أنه يقف على حرف هاوية ليعبد الله فيأتيه خير كحبل يثبته على مكان وقوفه فيستمر في العبادة أو لعل نارا (فتنة) تأتيه من جانب الأرض التي يقف عليها فتدفعه للهرب منها و السقوط في “الهاوية” ! ، و لا شك أن معنى الآية لا يمكن إداركه إلا بنفي المعنى المتبادر من ظاهر لفظها إلى المعنى الصحيح الذي فتحته استعارة هذه الصورة و هو معنى جديد للتردد و الشك في الدين و هي العبارات الأصلية التي تستعمل عادة لإيضاح المعنى المراد في هذه الآية.و هذا أيضا واضح جدا في قوله تعالى : {و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا} و المعنى الظاهر من ألفاظ الآية لا شك أنه ينافي أصل القرآن نفسه و لا بد من نفيه جملة و تفصيلا حتى يمكن إدراك معناها الحقيقي فالعمى ليس جريمة حتى يعاقب من أصيب به بأن يكون “أعمى” في “الآخرة” و الذين يحشرون عميانا في الآخرة بين الله لنا صفتهم في قوله : {و من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى و نحشره يوم القيامة أعمى} . و معنى الآية الأولى بلا شك الذي يفهمه العربي السليم اللغة و العقل هو أن من أعرض عمدا عن آيات الله في الدنيا فإنه يكون في الدنيا متخبطا في أفعاله و أحكامه كالأعمى و يعاقبه الله تعالى على إعراضه هذا بالعمى في الآخرة.و لو أردنا سوق الأمثلة لتبيين هذا الوجه الجمالي البديع من آيات “القرآن الكريم” لاحتجنا إلى مجلدات ضخمة و لا تكاد تخلو سورة من كتاب الله عن هذا “المجاز” اللغوي الذي زين الله به آيات كتابه و جمل حديث نبيه صلى الله عليه و سلم و كلها وحي من الله تعالى.إلا أن “السلفية” و أستاذهم “ابن تيمية” و فريق من “الحنابلة” الغلاة خالفوا سائر المفسرين و سائر علماء اللغة و الفقه و نفوا أن يكون “المجاز” موجودا في لغة “القرآن الكريم” و قالوا : لا يوجد في ألفاظ و عبارات القرآن ما يجوز نفيه !! بحجة تنزيه كلام الله عن “الباطل” !!.و مع هذا فهم يقرون بـ “المجاز” في نصف تفسيراتهم الخاصة التي يستندون إليها في إثبات صفات “معبودهم” فمثلا ينفون المعنى الظاهر لقوله تعالى : {و هو معكم أين ما كنتم} فيقولون أن الله تعالى ليس موجودا في كل مكان كما يُفهم من ظاهر الآية و ينفون بشدة هذا الظاهر و يصرفونه إلى أن الله تعالى شاهد علينا و تصحبنا عنايته و قدرته في كل أوقاتنا و أينما كنا ، و يكفرون من يقول بظاهر معنى الآية فيزعم أن الله تعالى موجود بـ “ذاته” في كل مكان ، و حين ترد أحاديث تشهد ألفاظها بما يوافق حمل الآية الآنفة على ظاهرها فإنهم أيضا ينفون المعنى الظاهر للأحاديث و يحملونه على “المجاز” كحديث (أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد) فيقولون هذا مستحيل أن يكون معناه أن العبد يقترب من “ذات الله” مكانيا عندما يسجد و معنى القرب هنا هو قرب الطاعة و القبول بالتأكيد ، مثل هذا يحكمون به على معنى قوله تعالى : {و نحن أقرب إليه من حبل الوريد} بأنه يعني القدرة التامة و الشهود التام لله تعالى على كل خلقه و أيضا يتصرفون بنفس الطريقة في معنى قوله تعالى : {و نحن أقرب إليه منكم و لكن لا تبصرون} فمن قال أن المعنى هو أن الله تعالى أقرب بـ “ذاته” للمتحتضر من ذويه و لكن أبصارهم تعجز عن رؤيته فهو لا شك كافر و حلولي و يقول أن الله تعالى يحل في الخلق و الأمكنة .و يستشهدون على نفيهم للمعاني الظاهرة لهذه الآيات و الأحاديث بقوله تعالى : {ليس كمثله شيء و هو السميع البصير} و هو حاكم على جميع معاني القرآن.فالحلول و المكان و الزمان من صفات المخلوقات و الأشياء و الله تعالى منزّه بذاته عن مشابهة مخلوفاته .و لكنهم لا يحكّمون قوله تعالى الآنف في تفسير قوله : {الرحمن على العرش استوى} فيقولون أن “العرش” هو أطهر المخلوقات و هو يحيط بها جميعا (كما تحيط الكرة بجوفها أو حشوها) و “استحقّ أن يستوي عليه الله تعالى” كما يقول شيخهم “المغامسي” و أن هذه الآية توضح أن الله تعالى له “جهة” و مكانا هي أعلى “العرش” و فوقه كما يقول “ابن تيمية” و “الغنيمان” و “الألباني”! و حين تسألهم لماذا تصرفون الآية إلى ظاهر “اللفظ” بهذا المعنى على الرغم من احتماله لعدة معان أخرى تجدهم يحتجون بنفي “المجاز” عن “القرآن الكريم”!! و يحشدون آيات مشابهة لهذه الآية كلها تشاكلها في احتمال معان كثيرة كقوله تعالى : {ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور} ، و حين نرد عليهم بأن ظاهر هذه الآية يؤدي إلى أن ذات الله تعالى تحتويها السماء و السماء أصغر من العرش و هي محتواة فيه و هذا يؤدي إلى القول بأن الله تعالى بذاته أصغر من العرش (تعالى الله عن هذا) فإنهم يصرفون الآية إلى المجاز و يقولون المقصود بـ “السماء” هو “العلو و الارتفاع” (المكاني!!) فما فوق “العرش” يجوز أن نسميه سماء لعلوه و ارتفاعه !!و يستدلون لصرف هذه الآيات إلى ظاهرها بأحاديث مثل الحديث الموضوع المنكر المنسوب كذبا لرسول الله صلى الله عليه و سلم : {شأنُ اللهِ أَعْظَمُ من ذلك، إن عَرْشَه على سماواتِه هكذا, و قال بِيدِه : مثلُ القُبَّةِ, إنه يَئِطُّ به أَطِيطَ الرَّحْلِ الجديدِ برَاكِبِه} فلقد استدل به شيخهم “ابن عبدالوهاب” في رسالته الشهيرة “كشف الشبهات” ليثبت أن لله تعالى جهة و مكانا هي فوق “العرش” !.و كهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم : قَالَ ائْتِنِي بها (أي جاريتك) فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ . فحين تقول لهم أن هذا الحديث لا يجوز الاستشهاد به لتفسير القرآن لأن ألفاظه مضطربة و لقد روي بسند صحيح بهذا اللفظ لنفس الحادثة عن النبي صلى الله عليه و سلم : قَالَ ائْتِنِي (أي جاريتك) بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ رَبُّكِ قَالَتْ اللَّهُ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَأَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ . و هو يعارض أحادي أصح منه سندا و لفظا و أكثر منه وضوحا كحديث البخاري أنَّ النّبيَّ قَال: “إذَا كَانَ أحَدُكُم في صلاته فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلا يَبْصُقَنَّ في قبلته ولا عَنْ يَمِينِهِ فَإنَّ رَبَّهُ بَيْنَه وبَيْنَ قِبْلَتِهِ” إن نفينا “المجاز” عن كلا الحديثين (حسب قاعدتكم العجيبة) و يعارض قوله تعالى : {أينما تولّوا فثمّ وجه الله} أيضا إن نفينا “المجاز” !! يقولون لك : إن الآيات و الأحاديث التي تعارضوننا بها إنما تفسيرها غير الظاهر من اللفظ !!فإن قلت لهم كيف تنفون “المجاز” عن آيات و تثبتونه في آيات أخرى بينما أنتم تصرحون بنفي “المجاز” بالكلية ؟؟ عندها ستتوقف عقولهم و سيبدأون بكيل الشتائم و السباب لك و لمشايخك و ستستمع منهم إلى منطقهم الحقيقي .و واضح جدا أن أقوالهم هذه تعني حتما أن الأرض و السماء و الكرسي و العرش إنما هو محشو في ذات “معبود السلفية” فسطح العرش و هو أعلاه يحيط ببقية العرش و المخلوقات من حميع الجهات و هي حشوه و قولهم أن معبودهم يستوي بـ “ذاته” فوق هذا السطح يعني أن هذا السطح و ما حواه هو حشو ذاته ، تعالى الله علوا كبيرا عن هذا التجديف .و لقد استعمل “السلفيون” قاعدتهم العجيبة هذه في نفي “المجاز” عن “القرآن و السنة” بطريقة انتقائية قوامها “الكيل بمكيالين” فما وافق هواهم من الآيات و الأحاديث طبقوا عليه حكمهم المخترع بنفي “المجاز” و ما خالف هواهم طبقوا عليه أحكام إثبات “المجاز” و حكموا فيه قول الله تعالى : {ليس كمثله شيء و هو السميع البصير} ، و من أمثلة ذلك أنهم فسروا أحاديث بظاهرها كهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : (لا تزال جهنم يلقى فيها و تقول : “هل من مزيد”حتى يضع فيها رب العزة قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض ، و تقول : قط قط) فقالوا أن لله تعالى قدمان ! و استدلوا بحديث آخر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الله تعالى أنه يقول : (أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) فقالوا أن الله تعالى له قدمان و يهرول (تعالى الله علوا كبيرا عما يقولون) !!.و طردوا قاعدتهم في نفي “المجاز” على آيات و أحاديث أخرى فقالوا أن لله تعالى “أصابع” و “يدان” و “وجه” على صورة وجه “آدم” صلى الله عليه و سلم كما يزعم “ابن باز” و أن الله يروح و يجيء و يصعد و ينزل و يقبل و يعرض متحركا متنقلا في الأمكنة فصار تصورهم لمعبودهم عجيبا غريبا و حين تواجههم بهذه الشنائع يمسحونها بما لا يزيل منها شيئا بل يزيد من شناعتها و هو قولهم : “كما يليق بجلال الله” و حقّ لنا بعد ما تقدم أن نقول و أي جلال هذا تثبتونه لله و قد نسبتم إليه النقائص و المعايب و الغرائب و العجائب ؟!! و شأنكم كشأن اليهود و النصارى ينسبون إلى الله الولد و البخل و الجبن و الذل ثم يقولون “كما يليق بجلال الله” !!و الواقع أن غايتهم من وراء هذه “القاعدة” ليس تحقيق “التوحيد الخالص” الذي يزعمون أن الله اختصهم به دون العالمين و إنما الغاية هي تسطيح جميع نصوص “القرآن و السنة” و إثبات أكبر كذبة استعملها أهل الإلحاد و أهل الكتاب المدسوسون على الإسلام لبث الفوضى بين المسلمين و هي : “” إن نصوص القرآن و السنة معناها في ظواهر ألفاظها و أيضا أحكامها في ظاهر ألفاظها و ما على من يريد معرفة حكم الله في أمر إلا أن يجد نص آية أو حديث ذكر فيه هذا الأمر فيفسر هذا النص كما فهم من ظاهر اللفظ دون الحاجة لسؤال العلماء أو لاستنباط الفقهاء”” التي عبرنا عنها بأكذوبة “فتح باب الاجتهاد” .
عنيت بنشره قسم الدراسات الإسلامية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة أجيال وتكنولوجيا الأمريكية
GTU – UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY