الماسونية بقلم الأستاذ الدكتور عبد الله الخليل التميمي
#الماسونية :: بسم الله الرحمن الرحيم
في الفترة التي تلت انهيار الشيوعية السوفييتية بدأت المحافل الماسونية تتجه نحو العلن بعد زمن طويل من التخفي و تساءل العارفون بشأن هذه المحافل عن سبب هذا التحول و كثرت التحليلات المتناقضة و كلها يصب في نقطة واحدة هي الحاجة إلى التجديد .
طبعا لن تتجدد هذه المحافل باتجاه خيّر نافع للبشر بأي حال ذلك أن تأسيسها و طبيعة أعضائها و نشاطاتها و تاريخها الرهيب الأسود الحافل بالدماء يجعل من المناقض لطبيعة الأشياء توجه هذه المحافل نحو التصالح مع عدوها الأكبر و هو “السعادة الإنسانية” ..
و من خلال هذه الثوابت انطلقت في البحث عن الآفاق الجديدة التي تتجه إليها الماسونية و وجدت فعلا ما كنت أبحث عنه و في الاتجاه الذي توقعته بالضبط.
لقد طورت الماسونية حربها على الفضيلة و الأديان بطريقة مبتكرة جدا سعى مخترعوها لتجنب الخوض في الجدالات القديمة حول “الإلحاد” و أزلية المادة ذلك أن هذا التوجه قد انهار تماما تحت ضربات الاكتشافات العلمية المذهلة التي صبت كلها في اتجاه إثبات وجود خالق حكيم قادر أوجد العالم بأسره ، هذه الفكرة الجديدة تقوم على الجري في نفس اتجاه الاكتشافات العلمية و استباقها و ذلك لِلَيّ أعناق المتطلعين إليها و تحويلهم إلى المسار “اللاديني” مرة أخرى .
تقوم الفكرة الجديدة على التركيز كثيرا على عظمة الكون و مخلوقاته و تبيان الآيات الكبيرة على عظمة خالق هذا الكون بشكل يدهش العقول و يأسرها ثم حقن هذه العقول بما يلي : “إن الخالق الذي أبدع الكون و منه هذا الكوكب الصغير الذي نحيا عليه و المخلوقات الموجودة فيه لهو أعظم من أن تتمكن مخلوقات ضعيفة مثلنا من وصفه و معرفة حكمته من إيجاد هذا العالم البديع و إن العقول البشرية الضعيفة بمداها القصير الذي لا يكفي حتى لاستكشاف كوكب صغير ككوكبنا بدقائق مخلوقاته لم تكن في الماضي (زمن ظهور الديانات) مع افتقارها الشديد لمعلومات عن الكون لتقدر على اكتشاف عظمة و صفات هذا الخالق و التواصل معه بأي شكل ، و إن الخالق الذي خلق هذا الكون الكبير و الأرض و مخلوقاتها لا يتنازل للاتصال بمخلوقاته الضعيفة لأنه ليس محتاجا لهذا الاتصال” .
هذا يعني أن كل أوصاف الديانات السماوية المنسوبة لخالق العالمين تتقاصر عن صفات هذا الخالق الحقيقية بكثير و ليست سوى إشراقات فكرية لأشخاص لهم عبقرية خاصة و يميلون إلى تنظيم الحياة و تحسينها أكثر عبر ما اخترعوه من منظومات أخلاقية دعمتها إشراقاتهم المتعلقة بأوصاف الخالق و حقيقة تسليم العقل بوجوده..
و بذلك يعودون بأتباعهم مرة أخرى إلى “اللادينية” و إلى “الإلحاد” و إنما من باب خلفي يتيح لهؤلاء أتباعهم الإرتياح الضميري الكامل فهم لا ينكرون وجود الخالق بل على العكس هم يثبتونه و ينزهونه عن “أكاذيب الآخرين” من أتباع الديانات التي تصفه بما لا يليق به.
طبعا سنخوض معهم معارك جديدة لفضح أكاذيبهم الجديدة و لكنها ستكون أسهل بكثير من تلك التي خضناها معهم أيام بداية الكشف العلمي و الله اعلم.
الأستاذ الدكتور عبد الله الخليل التميمي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الدراسات الإسلامية
University Generations and Technology
