حماية المعاهد في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي: دراسة تحليلية لحديث النبي صلى الله عليه وسلم
بقلم الدكتور محمد نضال هادي خلوف
حماية المعاهد في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي: دراسة تحليلية لحديث النبي صلى الله عليه وسلم
قال رسول الله ﷺ: من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا (رواه البخاري). يُعد هذا الحديث الشريف من أقوى النصوص التي تؤسس لمبدأ الحماية القانونية لغير المسلمين الذين يعيشون في كنف الدولة الإسلامية. وتُقارن هذه الحماية اليوم بما قرره القانون الدولي الإنساني من التزامات تحظر الاعتداء على المدنيين والأشخاص المحميين.
أولًا: مفهوم المعاهد في الفقه الإسلامي
المعاهد هو غير المسلم الذي يقيم في دار الإسلام بعهد أمان دائم أو مؤقت. وقد أوجب الإسلام احترام دمه وماله وعرضه، وحذّر النبي ﷺ من الاعتداء عليه، كما في الحديث المذكور، وجعل الاعتداء عليه كبيرة من الكبائر.
قال الإمام النووي: في الحديث تغليظ تحريم قتل المعاهد، وأنه من الكبائر.
وهو ما يُظهر عمق القيم الإنسانية في الفقه الإسلامي، حيث ربط حفظ الأمان بمرضاة الله ومصير الإنسان في الآخرة.
ثانيًا: حماية المدنيين في القانون الدولي
ينص القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف، على حماية الأشخاص غير المشاركين في الأعمال العدائية، ومنهم الأجانب المدنيون. ويُحظر قتلهم أو الاعتداء عليهم، ويُعتبر ذلك جريمة حرب.
وبهذا تتقاطع الشريعة الإسلامية والقانون الدولي في تجريم قتل المعاهد/المدني، وضمان حقوقه القانونية والإنسانية.
ثالثًا: أوجه التشابه والتكامل
– الشريعة: تُجرّم الاعتداء على المعاهد وتشدد على عدم نقض العهود.
– القانون الدولي: يجرّم الانتهاكات ضد المحميين بموجب القوانين والمعاهدات.
– كلا النظامين يضعان حماية الإنسان فوق أي اختلاف ديني أو قومي.
الخاتمة:
إن حديث النبي ﷺ يُعدّ قاعدة أخلاقية وقانونية متقدمة، تُؤكد أنّ الإسلام سبق في تقرير حماية المعاهدين، وهو ما يتلاقى مع مبادئ القانون الدولي الحديث.
ومن هنا، يجب على المسلمين الالتزام بعهود الأمان وعدم التعدي على غير المسلمين، تعزيزًا لصورة الإسلام العادلة، واستنادًا لنصوص صريحة في السنة النبوية.
الدكتور محمد نضال هادي خلوف
كلية القانون الدولي
UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY

