Uncategorized

الفرق الدلالي بين “من جميل ما قرأت” و”من أجمل ما قرأت”: دراسة لغوية تحليلية

الفرق الدلالي بين “من جميل ما قرأت” و”من أجمل ما قرأت”: دراسة لغوية تحليلية

مقدمة:
تمتلئ اللغة العربية بتراكيب دقيقة تعكس الفروق الدقيقة في المعنى، ومن هذه التراكيب عبارتان متداولتان في الخطاب العربي المعاصر: “من جميل ما قرأت” و“من أجمل ما قرأت”. وعلى الرغم من التشابه الظاهري بينهما، إلا أن كلًّا منهما يحمل دلالة خاصة تعكس موقف المتكلم ودرجة إعجابه بالنص.

أولًا: البناء اللغوي للعبارتين

  • “من جميل ما قرأت”*: تركيب يُبنى على حذف الموصوف وتقديم المضاف إليه. فكلمة “جميل” هنا نُكّرت لتفيد الشمول، دون تحديد درجة الجمال، مما يجعل العبارة تدل على أن النص يُعد ضمن ما هو جميل، لكنه لا يُفضَّل بالضرورة على غيره.
  • “من أجمل ما قرأت”: تفيد التفضيل بوضوح. فـ”أجمل” اسم تفضيل يشير إلى أن النص يُعد من أفضل النصوص التي قرأها المتحدث، ما يمنحه مرتبة عالية من الإعجاب والتقدير.

ثانيًا: الفرق الدلالي بين التراكيب
الفرق بين العبارتين ليس نحويًا فقط، بل هو فرق دلالي تأويلي:

  • العبارة الأولى تستخدم في السياقات التي يريد فيها المتكلم إبداء تقدير عام دون مبالغة.
  • أما الثانية، فهي تعبير عن انبهار وتفضيل، غالبًا ما يُستخدم في الكتابات الانفعالية أو التقويمية.

ثالثًا: السياقات التداولية لكل من العبارتين

في الكتابة الأكاديمية أو الصحفية، تُستخدم العبارة الأولى للتحفظ، أو للموضوعية، بينما تُستخدم العبارة الثانية عندما يكون الكاتب أو القارئ في موقف تقويمي واضح، يريد التعبير فيه عن الانحياز الإيجابي للنص.

رابعًا: القاعدة البلاغية
يخضع استخدام كل من العبارتين إلى قاعدة بلاغية تُعنى بالتدرج في التعبير، وهي قاعدة “الملاءمة السياقية” التي تشير إلى ضرورة توافق درجة الانفعال أو التفضيل مع طبيعة السياق الخطابي.
خاتمة:
يتضح أن الفرق بين “من جميل ما قرأت” و”من أجمل ما قرأت” يتجاوز حدود المفردة إلى عمق السياق والدلالة. فالأولى تعبر عن إدراج ضمن فئة الجمال، والثانية تدل على تفضيل وتقدير أعلى. فهم هذا الفرق يساعد على دقة التعبير، ويُظهر وعي المتكلم بأسلوبه ومقاصده البلاغية.

المراجع:

  • ابن هشام، مغني اللبيب.
  • الزمخشري، المفصل.
  • عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز.
  • تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها.
  • دراسات في علم المعاني، جامعة الأزهر.

د.محمد سعيد بن مصطفى أركي

مع تحيات كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الدراسات الإسلامية

GTU – UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY

جامعة أجيال وتكنولوجيا

About the author

admin

Leave a Comment