صعود المعارضة السورية إلى الحكم: التحديات السياسية وإعادة بناء الدولة
بقلم الدكتور محمد نضال هادي خلوف
أستاذ مساعد في القانون الدولي الإنساني

صعود المعارضة السورية إلى الحكم: التحديات السياسية وإعادة بناء الدولة
بعد سنوات طويلة من الثورة والصراع، دخلت سوريا منعطفًا تاريخيًا حين تسلّمت المعارضة الحكم رسميًا، بعد سقوط نظام الأسد. هذا الحدث الذي انتظره ملايين السوريين، لم يكن نهاية المعاناة، بل بداية لمرحلة أكثر تعقيدًا تتطلب إدارة الدولة ومواجهة تركة ثقيلة من الدمار والانقسام والفوضى.
أولًا: التحديات السياسية والمؤسساتية
رغم الرمزية الكبرى لتسلّم المعارضة الحكم، إلا أن الانتقال لم يكن سلسًا، إذ ورثت مؤسسات شبه منهارة، وبنية أمنية مخترقة، واقتصادًا متهالكًا. وفي ظل انقسام داخلي حاد وتعدد قوى الأمر الواقع، صار الحفاظ على وحدة البلاد وتشكيل سلطة موحدة من أولى المهام العاجلة.
ثانيًا: إعادة تعريف الشرعية
أمام المعارضة اليوم فرصة لإعادة إنتاج مفهوم الشرعية السياسية، ليس عبر الغلبة أو العسكرة، بل من خلال الدستور، والانتخابات الحرة، والتوافق الوطني، وبناء الثقة مع الشارع السوري الذي يترقّب حلولاً لا شعارات.
ثالثًا: إدارة التنوع السوري
من أبرز التحديات: احتواء مختلف المكونات (العرب، الكرد، الدروز، المسيحيين، العشائر…) ضمن دولة مواطنة عادلة، تضمن الحقوق وتحفظ الخصوصيات دون فرض هيمنة ثقافية أو أيديولوجية. أزمة السويداء الأخيرة أظهرت أهمية الفزعات العشائرية لحماية التماسك الوطني، وعلى الحكومة الجديدة الاستفادة من هذه اللحظة.
رابعًا: موقع سوريا الإقليمي والدولي
زيارة المستثمرين السعوديين إلى دمشق تشير إلى بداية اعتراف إقليمي بالحكم الجديد، لكن لا بد من رسم سياسة خارجية متوازنة، تحترم السيادة الوطنية، وتعيد التموضع في المشهد الدولي دون ارتهان.
خاتمة
صعود المعارضة إلى الحكم فتح نافذة للتغيير، لكنها محفوفة بالمخاطر. السوريون لا يريدون مجرد تغيير في الوجوه، بل إصلاحًا حقيقيًا في بنية الدولة. نجاح هذه التجربة سيكون رهين الإرادة السياسية، وتغليب المصلحة الوطنية، والخروج من عقلية الانتقام إلى مشروع وطني جامع.
بقلم الدكتور محمد نضال هادي خلوف
أستاذ مساعد في القانون الدولي الإنساني
مع تحيات كلية القانون الدولي والعلوم السياسية
جامعة أجيال وتكنولوجيا
University Generations and Technology
