Uncategorized

نحو فهم أكثر لبعضنا البعض!!

نحو فهم أكثر لبعضنا البعض!! بقلم الدكتور محمد الحمش mohamad alhamsh

نحو فهم أكثر لبعضنا البعض!!

 لا شك ان بعض الصراعات التي تنشأ بين الناس سببها الحق أو الباطل.
ولكن كثيرا من الصراعات التي تجري بين الناس؛ إنما منشؤها الطبائع الشخصية والنفسية، لا الحق والباطل!!

وكلامي هنا عن الأنماط فقط، فلا يدخل فيه أهل الحماقة ولا البلادة ولا الأمراض التربوية والتعليمية والسلوكية، ولا الفوارق بين الطاقات الروحية المؤثرة؛ فاقتضى التنويه!!

وإذا عرفنا أن علماء النفس قسموا أنماط الخلق – في علم نفس الشخصية- إلى (صوري وسمعي وحسي)؛ وعرفنا ميل كل شخصية اقتربت من إحدى هذه الأنماط؛ سهل علينا فهم سلوك الناس، وبالتالي التعامل مع الآخرين بشكل كبير!!!

 أولا: الشخصية الصورية:

تميل أكثر نحو الأشياء المادية والعقلية وسريعة التصور في الخيال والفكر؛ أكثر من المعنويات والأحاسيس والمشاعر.
لذلك من وصل إلى (65%) فما فوق واتجه نحو هذه الصفة فهو صوري متطرف؛ فعادة ما ترى فيه النزق وسرعة الكلام وكثرة الخطأ في التعبير، وقد تصل إلى الإساءة، مع قلة الصبر لسماع الآخرين؛ وخاصة الذين يخالفونه في الطبع والراي؛ لأن هذا النمط عنده مخزون القيم والمشاعر والأحاسيس مرتبط بمخزون صوري مزدحم؛ لذلك يريد الإجابة بكلمة ورد غطاها.

وقد يعجب البعض من زوجين أو صاحبين، اصواتهما مرتفعة جدا ويتسامران ويضحكان لساعات طويلة بانسجام تام!!!؛ ولا عجب فشبيه الشيء منجذب إليه!!!.

وإذا كان من أهل العلم وألف شيئا؛ ترى في عباراته الحدة والشدة والتحديد، وإذا نقد شيئا ترى منه العجب من الهجوم بعبارات لاذعة!! وقد لا يدرك انه يسيء للاخرين حتى لو روجع وعوتب!!، وقد يكون من أهل التقوى والصلاح، ولكن الطبع غلاب!!! وهناك من قرائه من يطرب له!! ومنهم من لا يحتمل قراءة بضع صفحات!!!

وعلاج هذه الحالات منه ما هو روحي؛ بكثرة الذكر والقربات، ومنه ما هو نفسي؛ بأن يتعود على مجالسة الأنماط الأخرى لأنه في الحقيقة يصعب عليه تحمل الحسي، كما يصعب على الأخير الصبر على صوته المرتفع واسترساله في الكلام دون توقف أو حدود!!

وكذا قراءة الشعر الذي فيه رقة وآداب ومعان عميقة وقراءة القرآن والقصص التي يغلب عليها الطابع السمعي والمشاعر؛ حتى يضيف إلى شخصيته ما ينقصه وينفعه.

ثانيا: النمط السمعي: ويقصد به الذي يميل نحو سماع الأخبار وله مقدرة على سماع المحاضرات الصوتية لساعات طويلة بانسجام تام من غير ملل ولا كلل، ويحب الأرقام وتحديد الأمور بإطار معين لأنه يسمع ويحلل فهو شخصية تحليلية أيضا؛ لأنه اعتاد على السماع وتحليل ما يسمع، كما يغلب على أقواله سمعت وقال يقول قيل، ومشتقاتها من السمعيات يحب التفاصيل بادقها حتى لو كانت بالنسبة لغيره تافهة فهو يعطي أهمية كبيرة لكل شيء!!.

ثالثا النمط الحسي: وهو النمط الغارق في الرومانسية أو المشاعر أو الحالة الروحية العالية، إن لم يكن ذو دين فهو حساس مرهف الحس يتأثر بالأحداث بسرعة كبيرة؛ لأن دوافعه؛ العواطف قبل التفكير والتحليل، وإن كان متدينا فيحب حياة التنسك والقرب والمعارف الروحية العالية النقية وأن يشعر بما يتعلم وأن يشعر بصدق من يتعلم على يديه والا تركه وإن كان من كبار أهل عصره، كما أن هذا النمط لا يحب القراءة والكتابة على الابتوب أو الآيباد، ولا يسمع لأي شخص كان!!، فلا بد من وجود كتاب، يتلمسه بيديه، ويشم رائحته، وإن كان قديما أو مخطوطا؛ لعاش في عصر المؤلف!!
وأما السماع بالنسبة للحسي؛ فلا بد للمتكلم أن يتكلم بنبرة منخفضة على تردد معين، يقرع سمعه، ويحرك قلبه بصدق، مع أسلوب يجذبه، وعبارات يطرب لها!! وإلا سيغلق المسموع وإن كان لفلان العلاني !!
وهناك أوصاف أخرى يعرف بها كل نمط يغلب عليه أو يقترب من إحدى هذه الأنماط!!.

ختاما: بعد هذه اللمحة السريعة التي اضاءت أمامنا أنماط الشخصية للإنسان؛ نستفيد منها معرفة شخصياتنا.

ولماذا نختار أشخاصا دون آخرين؟؟ لمَ نختار كتابا مليئا بالاستطرادات والأمثلة، وغيرنا يمثل له ذلك الكتاب مصدر إزعاج وسآمة؟؟ كما نفهم ايضا بعض الفروق الفردية التي بيننا، فمثلا يخرج أحدنا من المحاضرة أو الخطبة نائما!!! لأن المحاضر أو الخطيب أخذ وتيرة واحدة في الإلقاء!!، والآخر خرج من نفس المحاضرة طربا منتشيا! !!!؟؟

ومن خلال إلقاء الضوء على هذه الزاوية المهجورة بعد إزالة الأتربة عنها؛ نجد أن كثيرا مما يجتمع عليه أناس رغبة، أو ينفر منه أناس نفورا، من علماء، وكتاب، وكتب أو أصحاب وخلان؛ يرجع الى ما يتكيفون معه طبعا ونمطا وانسجاما نفسيا!!!

وليس المقصود بالنمط إلا ما يغلب على الشخص من صفاته وتبرز، وإلا فهو يشترك فيه نمط آخر أو الثلاثة على تفاوت أو تكامل فيما بينها، سمعي بصري، سمعي حسي، وهكذا.

وهذه دعوة للخطباء والتدريسيين والكتاب إلى دراسة هذا الجانب حتى يراعوا الأنماط كلها في الكتابة والإلقاء؛ ولكي يستفيد من العطاء كل آخذ !!
ولتنفسح في نفوسنا فرجة للإعذار قبل الخوض في النوايا !!

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

د. محمد الحمش.
أستاذ علم النفس العام، وعلم النفس التربوي.

University Generations and Technology

#جامعة#أجيال#وتكنولوجيا

About the author

admin

Leave a Comment