Uncategorized

المصالحة بقلم/ الدكتور: فالح الشبلي

المصالحة
مقال بقلم/ د. فالح الشبلي

لقد كتبت مقالي هذا بطلب من أحد الإخوة بعد أن سُئلت عن المصالحة السعودية الإيرانية، ولا يظن البعض أنني ضد المصالحة فهي جائزة بشرط ألا تكون على حساب الأمة وسيأتيكم أثناء المقال إجابة هذا السؤال!
مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية مسيطرة ومهيمنة على العالم منذ زمن بعيد فكل ما نراه من أعمال وأفعال وحتى التصريحات المشجعة والمخيبة كلها أراها تنطوي تحت مخطط لا محالة، فعندما نكتب عن موضوع ما أكون متأكدا في قرارة نفسي أنهم قد سبقونا بالقرار اليقين ولكننا نظل نحلل هذا الموضوع أو ذاك، ثم نتوقع بعض الاحتمالات التي قد تكون مصيبة أو مخطئة للوقوف على الحقيقة، فهناك احتمالٌ قابلٌ للوقوف على الحقيقةِ؛ واحتمالٌ آخر قد يكون هو الحقيقة المقصودة، والاحتمالات ليست كالواقع فهذا صوابٌ وذاك تحت قرار يقين مهيأ للتنفيذ أو غير ذلك.
الشاهد أننا وقفنا على اندفاع بين السعودية وإيران نحو المصالحة وإعادة العلاقات، وفي الحقيقة قد انشغلت بهذا الموضوع أيما انشغال؛ فالمصالحة لا تكون مع دولة بهذه النذالة والخسة؛ إيران قد أشبعت المنطقة قتلا وتشريدا ومؤامرات تحيكها ليل نهار ناهيك عن الإعلام العدائي المسلط ضد الأمة، فكانوا يشوهون وجهات البلدان العربية ومقاصدها باستثناء تلك التي سيطروا عليها والمعادلات أكثر من أن تذكر، وهي واضحة للعيان، كالدولة البعثية تقابلها دولة بعثية أخرى، إحداها صديق بينما الأخرى عدو، هذا سيطرت على قراراته بينما الآخر حاربها وألجمها وردعها، بل هناك بلدان قسمتها وجعلت جنوبها منفصلا عن شمالها كلبنان بل إنها انحازت إلى نصف منطقة عن الآخر كبيروت الشرقية وبيروت الغربية وهكذا هم يتآمرون بأفعالهم وأقوالهم، وأفضل ما نصف به هذه الدولة هو: “الدولة المارقة”.
وإنني على يقين من أن إيران زائلة لا محالة وهذا استنباط من خلال دراستي للشؤون الإيرانية المشتتة والموظفة لدى الهيمنة الصهيونية العالمية، فنعود من حيث بدأنا، ونقول: إن القرار الصهيوني هو السائد، فنبدأ ببعض الأسئلة التي أراها مهمة، وهي عدة نقاط:

  • من المستفيد من هذه المصالحة؟ ولماذا تمت بهذه العجالة والسرعة؟ وهي ـ كما تقدم ـ دولة مارقة لا بد من دراسة توجهاتها ومعرفة ما تضمره للأمة ودول الجوار وهي قاتلة ومجرمة بامتياز، إذا كيف نستفيد من مصالحة جار كهذا لا يؤمن جانبه من كل النواحي وهو يعمل ليل نهار ضد الطرف المقابل وإن كان يتظاهر بالصداقة، وهل سيلتزم بهذه المصالحة التي لم تبدأ؟ وهل ـ يا ترى ـ تسعى إيران حقيقة للمصالحة؟
  • بعد أن سيطرت إيران على معظم دول العالم العربي هل بدأت تبحث عن منع المقابل من أن يدافع عن أرضه التي سلبت؟ وهل هذا إلزام للدول التي بقيت حرة؟ وهل هي حقيقة متخوفة من هذه الدول الحرة؟
  • هل الولايات المتحدة الأمريكية تراجعت عن أهدافها في التحشيد ضد إيران، وما السبب ـ يا ترى ـ؟ هل تأجيل هذا العمل بسبب ازدحام قائمتهم ضد العالم فأصبحت مشغولة أكثر من طاقتها وعرضت أن تلعب لعبة التهدئة مع إيران على حساب الشأن العالمي؟ أم هي اصطدمت بواقع أرادت أن تؤجل شيئا على حساب الآخر؟ هذا قد يكون احتمالا قائما.
  • كيف نضحي بكل ما خسرناه لهذا العدو المراوغ الذي لا يؤمن جانبه؟ وهل سهل علينا الاستغناء عما كنا نملكه من دول وأراض ومناطق وبحار؟
    وهل سيتم طرح مسألة رد المناطق المحتلة لأصحابها؟ أليس تراب الوطن غاليا كما يدعي البعض؟ أم سيكون هدية لإيران التي تسعى لتهجير الشعوب كما حصل في العراق وسوريا واليمن ولبنان؟ إذا أين ذهبت الاحتفالات باستقلال أراضينا وتحريرها من محتل ما أو حاكم ما ـ إلى آخر احتفالاتنا ـ أم أن ما أهدرناه من أموال للدفاع عن أنفسنا كان من زعمنا نحن فقط؟!
    ولماذا لا نشترط أن تتحمل إيران خسائر كما تحمل العراق بعض الخسائر، فمن بدأ؟ ومن أيد الحوثيين ضد السعودية؟ أليس إيران، أليس الواجب علينا المطالبة بدية كل من مات من الجيش السعودي وبراتب يتقاضاه أهل المتوفى وأطفاله اليتامى؟
    أتعجب؟! هذه هي المصالحة، لا شروط، لا عقبات، لا مطالب! فقط أغلقنا سفارة ثم فتحناها مرة أخرى! هكذا تعود العلاقات؟ أليس هذا من الإجحاف؟
    هل هناك ما يخفى ويكتمه صاحب القرار؟ لا أخفيكم أنني آمل هذا، ولكن التوقعات أكثر من أن تذكر، لذلك فالترجيحات كثيرة ومعظم ما اخترته يصعب تفضيل بعضه على بعض.
  • هل نجحت الصين في دخول المناطق شبه الأمريكية وانتزاعها منها بهذه السهولة أم هي لعبة أمريكية لتشتيت جهد الصين في العالم وتحقيق بعض الانتصارات كتهدئة الأمر في تايوان يقابله سيطرة أمريكية في بحر الصين مثلا من خلال وجود هذه القوات في تايوان؟ وهذا أحد الاحتمالات وإلا تعتبر هي خسارة أمريكية لبعض حلفائها في المنطقة وقد تنتزع المنطقة تماما من الهيمنة الأمريكية.
  • وهل الدول العربية أصبحت لا تستطيع الدفاع عن نفسها ولا حتى تملك القرار الذي يجنبها قرارات الدول الأخرى وخاصة المهيمنة كالصين وأمريكا وروسيا، والدول الغربية كفرنسا وبريطانيا وغيرها.
  • لماذا وساطة صينية ومضيف عماني، هل لأن الصين مرتبطة بعلاقات مع إيران؟ هل الصين شريكة مع إيران في هذا التوسع؟
    ليس الكلام أن إيران أداة لأمريكا وهذا كلامي قبل أن يقوله غيري، هنا تتداخل المعلومات وهناك تقوى الشكوك ليحار المرء بالميول إلى دراسة ما فيحار المظلوم والمصفق والمرحب …. إلى غير ذلك.
    حقيقة الذي يزعجني أن بعض الدول وبعض الشخصيات التي ليس لها دراسة واضحة قد صفقوا من غير استفهام فالذي يخفى على حسن نصر الله لا بد من أن يخفى على هؤلاء المطبلين الذين لا يعرفون إلا المديح والنفاق في الوجه إلى غير ذلك والضحية ـ مع الأسف ـ كيانات ودول إن لم نقل: أمة ودول.
  • وما موقف المعارضة العراقية؟ هل أصبحت لا مكان لها في العراق؟ وهل أصبح العراق والبلدان الأخرى العربية إيرانية؟ وهل خدعتنا أمريكا بإعلامها ضد إيران؟ وهل خدعتنا الدول العربية في مصاحبة الإعلام الأمريكي ضد إيران؟
    أثبت التاريخ أن الذي يأمن إيران كالذي يأمن الذئب على غنمه، ألا نتوقع أن الضحية القادمة هي البلد الفلاني الضعيف الذي قصمت إيران ظهره فاستولت على أشقائه وقتلت من قتلت واستضعفت وشردت تحت دراسات عميقة، وقد حولت البعض لصالحها بل جعلت البعض لا يفرق بين العدو والصديق في مقابل أن يكسب المال وجردت الناس من عقائدها الدينية بل حتى من عروبتهم وأرضهم.
    هنا نقول: هذه هي الحيرة التي عايشتُها طوال الأيام الماضية والتي لا أستطيع الخروج منها بقرار بل إنني تركت بعض الأسئلة التي كنت أراها غير مهمة.
    نصيحتي أن يُدرس هذا الاتفاق كي نخرج بشيء من الانتصار، كطلب تعويضات من إيران للدول المتضررة بسببها، والانسحاب من الأراضي العربية، ومحاكمة المليشيات التي أثخنت في الدول العربية قتلا ونهبا وتشريدا، والابتعاد عن الصين كوسيط كي لا يدخل مع إيران على الخط فيدخل جيشا بحجة مراقبة، فيحتل البلدان العربية من بعد إيران فيكون الملالي قد قبض الثمن ويتركنا لمواجهة الصين وهذه أهم النصائح في الوقت الحاضر.

انتهى هذا التعليق المتواضع عن المصالحة السعودية الإيرانية. وبالمناسبة فإن الدول المتضررة كثيرة ولكن لم تتطرق إليها المصالحة مع إيران، كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وبعض الدول التي تعمل إيران عليها بالخفية كالجزائر وغيرها، والله المستعان.

بقلم/ الدكتور: فالح الشبلي

UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY

About the author

admin

Leave a Comment