Uncategorized

الأزمة المعرفية لدى بعض الأخصائيين النفسيين

¤ الأزمة المعرفية لدى بعض الأخصائيين النفسيين .

من المؤسف أننا نجد كثيراً من الأخصائيين النفسيين يلجؤ أحياناً إلى كتب أصول الفقه أو التراث الإسلامي- وليس طبعاً القرآن والسنة- لأن هنالك خلافاً ما بين التراث وبين الأدلة الشرعية (القرآن والسنة)-

من أجل تفسير بعض القضايا النفسية رغم أن علم السلوك الحديث وتحديدا علم النفس الفسيلوجي والإكلينيكي والعصبي أثبت بعكس ما يقول، وحين تراجع القائل وبما استشهد به من كتب التراث تجد نوعين من الأشخاص:
أولا :شخص غير مقتنع بما يقول وإنما يستميل بعض الأشخاص أو المؤسسات من أجل منفعة شخصية .

ثانيا: فئة من الناس يظنون أنهم يتعبدون لله حين يؤمنون بهذه الاراء ،ولا يعلمون أن كثيرا من تلك الآراء هي افكار اغريقية استأنس بها الفقهاء والأصوليون لأنها كانت تعد من أحدث العلوم في ذلك الزمان !.

طبعاً كلا الفريقيين يساهم بتعطيل العلم في مجتمعه ،والسماح بدخول العرافين والدجالين على خط الثقافة والعلاج النفسي ،وهذه تعد كارثة أخلاقية وعلمية بكل معنى الكلمة. لا بل خيانة للتخصص الذي درس.

حتى الفقهاء والأصوليون المجددون ، وطلاب الدراسات العليا في كليات الشريعة ، مستاؤون من تصرفات بعض السيكلوجيين تلك ، حيث أنهم يعززون مكانة الدعاة الشعبيين على حساب مكانة أهل الاختصاص الشرعيين في الدراسات الشرعية ،فأي تدعيم سلبي يعزز هؤلاء السيكلوجين لمجتمعهم؟

ولو أن هؤلاء السيكلوجيين المختصين انشغلوا بترجمة الاضطرابات النفسية وتبسيطها للناس البسطاء ولغير أهل الاختصاص لأفادوا الأمة والمجتمع. واستفادوا.

ومن أمثلة هذه الإشكاليات على سبيل المثال ،مفهوم الأهلية في الفقه وأصوله والذي يدخل مباشرة في مجال مباحث علم النفس الإكلينيكي ،والسايكوباثولجي ،وعلمي النفس العصبي والفسيولوجي…الخ.

وعند مراجعة مصطلحات السفه والجتون والعته وغيرها في كتب أصول الفقه وتحديدا في مباحث الأهلية ، تجدها مصطلحات (تاريخية) عاف عليها الزمن ،وهي في جلها أخذها الفقهاءمن كتب الفلسفة اليونانية والتي كانت تعد مرجعاًاللعلوم الطبية والنفسية في وقتها، وبالمناسبة هي من الخطورة بمكانة تلك الاضطرابات موجودة في مباحث الأهلية ، بمعنى آخر يترب عليها قضايا خطيرة في فقهي المعاملات والأحوال الشخصية : كطلاق وزواج وحجب ميراث وايقاف عقوبه ،وحجر وغيرها من الأمور الحساسة التي يتوقف عليها مصير عائلات وأسر ومجتمعات
،وهذه من أسباب التخبطات التي نجدها في أحكام وفتاوي المحاكم الشرعية بسبب تلك التعريفات الفقهية التقليدية .

لذلك وجدت كثيرا من طلاب وطالبات الشريعة قد شمروا عن سواعدهم لاعادة تأصيل تلك المفاهيم اليونانية – والتي يظنها كثير من الباحثين أنها دينية شرعية من القرآن والسنة فيعاملونها بقدسية كأنها وحي!

فتراهم -(اي باحثي الدكتوراه والماجستير في الفقه وأصوله) ،يرجعون إلى كتب علم النفس ،ولكن صدمتهم كانت بشح الكتب العربية في هذه المباحث ،وقدم القواميس النفسية المختصة بتلك الاضطرابات وقدم التشخيصات الموجودة في طياتها،وصعوبة الترجمات وركاكاتها إلى حد الملل في صياغتها،وعدم وجود مواقع الكترونية تجدد وتعطي كل ما هو جديد باستمرارٍ في هذه المباحث النفسية باللغة العربية.

والأدهى والأنكى من ذلك فوضى المصطلحات وتبعثرها ،فتارة يترجم الهيبوكامبس بالحصين وتارة بقرن آمون ،وأخرى بحصن أمون ….. والايموشينال انتيليجنس ،تارة يترجم بالذكاء العاطفي ،ومرة بالذكاء الوجداني… وهكذا دواليك …
وهذه معضلة يشترك بها علم النفس مع كل فروع العلم ولا مجال لذكر اسبابها هنا.

ومن افضل الدراسات الشرعية التي حاولت ان تكسر جبل الجليد في مباحث الأهلية النفسية في كتب الفقه كانت:

رسالة دكتوراه بعنوان 🙁 نظرية الأهلية دراسة تحليلية مقارنة بين الفقه وعلم النفس) للدكتورة هدى محمد هلال(استاذ مساعد سابقا في الجامعة العالمية الاسلامية ،وجامعة المدينة في ماليزيا)، حيث قامت جاهدة بابراز هذه المصطلحات وكيفية تطورها في كتب أصول الفقه وكيف تأثرت بها إلى يومنا هذا بالفلسفة اليونانية والمنطق اليوناني،وكيف عانت من ضحالة الكتب العربية في الاضطرابات النفسية باللغة العربية وأزمة المصطلحات ،مما جعلها ترجع مباشرة الى المراجع الانجليزية -وقد ساعدها قوتها باللغة الانجليزية حيث ان دراستها باللغة الانجليزية في ماليزيا ،وهي لغة التواصل لها في ماليزيا وسنغافورة منذ مرحلة البكالوريس حتى الدكتوراه-، فمكثت في كتابة اطروحتها ست سنوات تقريباً، حيث كما أسلفت اشتكت لي من الفوضى الاصطلاحية وقلة الدراسات التخصصية النفسية المعتبرة -غير الجامعية-حول تلك الاضطرابات باللغة العربية،

فجاء جهدها مثمراً متوازناً في كلا العلمين (الفقهي والنفسي).

كذلك عند التقائي بأكثر من باحث ودكتور في الفقه تناول هذه القضايا من اجل تجديدها وفق الدراسات النفسية المعاصرة ، اشتكى من نفس الإشكالية في كتب علوم الاضطرابات النفسية المعمقة باللغة العربية،(من حيث قلتها وقدمها ونقص التفاصيل فيها ).

و هنالك دراسات فقهية جادة كتبت حول الاضطرابات النفسية لمرض السكري المزمن على الأهلية ،و كذلك الزهايمر …الخ.

وبعد هذا كله ،يأتي أخصائي نفسي (ماجستير -دكتوراه)، وينشر المفاهيم التقليدية في كتب الفقه لتلك الاضطرابات بحجة أنها جزء من ديننا الإسلامي فهنا ساهم بكارثتين :

أولهما: نشر شيء على أنه وحي وما هو بوحي .

ثانيا: خيانة الدراسات النفسية التي تخصص بها وقواعد البحث العلمي والتجريبي التي تعلمها .
لذلك وجب التنبيه إلى تلك القضيتين مع احترامي الشديد للجميع.
ومن أبسط الحلول المقترحة عمل موقع الكتروني بسيط ،بحيث يختص كل باحث باضطراب نفسي يتابع اخر ما توصل إليه العلم وترجمة تلك النتائج بطريقة علمية مبسطة ودقيقة ، وهذا ليس بالأمر الصعب على ما أظن خاصة في ظل وجود الأعداد الكبيرة من خريجي وخريجات الدراسات النفسية والطب النفسي ،وكذلك وجود الكثير من المواقع الأمريكية والبريطانية التي تنشر تلك الأبحاث.
وهنالك طرائق أخرى ،ولكن هذه ابسطها ،ولكن تحتاج إلى نوع من الإدارة والتنظيم ،علها تجد من يطبقها من يدري ؟!

د. رأفت شهير شحاده

UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY
جامعة أجيال وتكنولوجيا

G.T.U

About the author

admin

Leave a Comment