Uncategorized

أسطورة ابن تيمية

كتبه : الأستاذ الشيخ عبد الله الخليل التميمي

أسطورة #ابن_تيمية

عاش الرجل ما بين عامي 660 هجرية و 728 هجرية ، فيما بين حران الواقعة شمال حلب و بين مدينة دمشق ، و تنقل في عدة مدن شامية و مصرية .المتفق عليه أن ابن تيمية كان من مشايخ الحنابلة و له باع في الفلسفة و العلوم الشرعية كالحديث و الفقه و الأصول و التاريخ و اللغة.و المتفق عليه أيضا أن ابن تيمية كان شاذا عن سائر مشايخ الإسلام في عصره ، فلقد أكد كل من ترجم للرجل أنه خالف جميع العلماء في مسائل عظيمة في العقيدة و في الفقه و في الأصول و في التاريخ.هذه المخالفات أدت إلى تشنيع علماء زمانه عليه و محاكمته عدة مرات ، و اتفق العلماء على حبسه عدة مرات ، و على منعه من التدريس و الإفتاء بسبب مخالفاته ، و في آخر حياته حبس و مات في حبسه ، و أمر علماء زمانه و قضاته بإحراق كتبه و منع تدريس آرائه و إفتاءاته.بموت ابن تيمية الرجل انقرض أيضا ابن تيمية التراث ، ذلك أن جميع تلاميذه تقريبا تخلوا عن آرائه و تبرؤوا من مخالفاته في حياته ، و بعد مماته ، و بعضهم ألف كتبا في الرد عليه و بعضهم الآخر اكتفى بمجرد التخلي عن اتباعه و بقي على تعظيمه كونه كان أستاذا لهم.انقراض ابن تيمية الشخصية التراثية كان سببه امتناع كل تلامذته عن تدريس كتبه و مصنفاته و رسائله ، ذلك أن علماء الإسلام دأبوا على التزام النظام الصارم التالي ذكره في اعتماد الكتب و المصنفات : أولا يسأل المصنف علماء زمانه و أساتذته و يشاورهم في موضوع مصنفه الذي يريد تأليفه ، فإن غلب على ظنه بعد المشورة أن المصنف نافع شرع في صناعته.ثانيا بعد الفراغ من تأليف المصنف يعرض الكاتب مصنفه على علماء زمانه و يتلوه عليهم في مجالس خاصة لهذه الغاية ، ثم إن لقي المصنف القبول أذن الكاتب للوراقين (تجار الكتب) بنسخ الكتاب الجديد ، و تتم مطابقة النسخ كلها للمخطوط الأصلي.ثالثا يتلو المؤلف كتابه الجديد على تلامذته ، و يصحح نسخهم على نسخته و يفهمهم مراده من عبارات الكتاب و يزيل عن أذهانهم اللبس الذي قد يتوهمونه من عبارات الكتاب ، بعد الفراغ من هذا يجيز الكاتب تلامذته برواية الكتاب و تدريسه.رابعا يقوم التلاميذ بعد الإجازة من الأستاذ الـمُصنف بتلاوة كتاب أستاذهم على تلامذتهم بنفس الطريقة التي تعلموا بها من أستاذهم ، و تلامذتهم يقومون بتكرار الأمر ، و هكذا من عهد المؤلف إلى آخر الدهر.لقد التزم علماء الإسلام كلهم هذا النظام في تدريس جميع الكتب و المصنفات الشرعية و تناقلها و توارثها ، و في حال وجود كتاب مصنّف في العلوم الشرعية لا يتلوه شيخ درسه بسند عن العالم الذي صنف هذا الكتاب ؛ فإن هذا الكتاب يعتبر مجرد كتاب للمطالعة لا يفيد علما ، لا نفيا و لا إثباتا ، و لا تجوز العودة إليه عند الخلاف و المراجعة ، لأن نسبة هذالكتاب إلى الشخص الذي يفترض به أن يكون مؤلفه ليست مؤكدة و لا سبيل لإثباتها هذا من جهة ، و من جهة أخرى لا سبيل لمعرفة مراد الكاتب من عباراته و ملتبساتها ، لأنه قد فات زمنه ، و لا يوجد من ينقل عنه معاني الكتاب الصحيحة و يرويها عنه بسند متصل.جميع كتب ابن تيمية و مصنفاته لا يرويها عنه أحد بسند متصل إليه ، منذ أن توفي الرجل و إلى يومنا هذا ، و إذا فكتبه كلها مجرد كتب للمطالعة لا تفيد علما و لا نفيا و لا إثباتا ، و لا يصح الإستناد إليها في شيء من أمور الشرع و علومه ، لا صغيرا و لا كبيرا.هذا الحكم يشمل جميع كتبه و خاصة كتب الفتاوى ، فمثلا كتاب “الفتاوى المصرية” و هو مجموع فتاوى ابن تيمية التي أصدرها في مصر ، لا يُروى عن ابن تيمية و لا تثبت نسبته إليه ، و لقد ظهر الكتاب إلى الوجود قبل قرن واحد تقريبا من الآن ، أي بعد موت ابن تيمية بأكثر من خمسة قرون ، كان مخطوطة محفوظة في مكتبة الأزهر ، و أخرجه رجل يقال له : فرَج الله الكردي ، و هو رجل بهائي معروف ببهائيته .أما كتاب “مجموع الفتاوى” فقد ألفه رجل يقال له عبد الرحمن ابن قاسم ، و هو رجل من نجد توفي عام 1392 للهجرة أي أن بينه و بين ابن تيمية ستة قرون منقطعة خالية من السند ، هذا عدا أن ابن قاسم هذا اعترف بأنه جمع هذا المجموع من المكاتب المتفرقة ، و لم يجده مصنفا واحدا ، و إنما وجد مخطوطات يتيمة كل واحدة منها في مكان في العالم ، فسافر إليها و اشتراها أو صورها ، ثم طبعها بعد التنضيد ، و ضمها لأخواتها ، و ابن القاسم هذا لم يقرأ أيا من هذه المخطوطات على من وُجدت عنده بسند يتصل بابن تيمية ، و أنى له هذا و قد وجد بعضها في مخازن المكتبة الظاهرية بدمشق ، و أخرى في مكتبة الأزهر ، و الكثير وجده في مكتبة باريس !.و لقد طالب علماء الإسلام كثيرا من يسمون أنفسهم بأتباع ابن تيمية أو “السلفيون” أو “الوهابيون” ؛ بأن يأتوا بورقة واحدة مخطوطة يرويها أحدهم بسند متصل إلى ابن تيمية ، فلم يرد هؤلاء المدّعون جوابا ، سوى الشتائم و التنقص من خصومهم و رميهم بالشرك و الإبتداع و الإفتراء و غير هذا من شنشناتهم المعروفة.فإذا هؤلاء القوم يؤمنون بصحف لا سبيل لإثبات صحتها ، و لا سبيل لمعرفة كاتبها الحقيقي و يحاربون الناس أيضا ليفرضوا عليهم ترك دين الإسلام و اتباع الملة التي تصفها كتب منسوبة لرجل مات قبل ستة قرون و نيف ، و فوق ذلك لا يوجد دليل واحد يثبت أن هذا الرجل هو الذي صنف هذه الصحف .لقد اندثر ابن تيمية و اندثر تراثه معه .خادم العلم الشريفعبدالله التميمي

عني بنشره كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الدراسات الإسلامية في جامعة أجيال وتكنولوجيا الأمريكية

UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY

UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY
UNIVERSITY GENERATIONS AND TECHNOLOGY

About the author

admin

Leave a Comment